سورة الشورى - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)}
{لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحدة} أي مؤمنين كلهم على القسر والإكراه، كقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الارض كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] والدليل على أنّ المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان. قوله: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] وقوله تعالى: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ} [يونس: 99] بإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله. دليل على أنّ الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره. والمعنى: ولو شاء ربك مشيئة قدرة لقسرهم جميعاً على الإيمان، ولكنه شاء مشيئة حكمة، فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون، ليدخل المؤمنين في رحمته وهم المرادون بمن يشاء. ألا ترى إلى وضعهم في مقابلة الظالمين ويترك الظالمين بغير ولي ولا نصير في عذابه.


{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)}
معنى الهمزة في {أَمِ} الإنكار {فالله هُوَ الولى} هو الذي يجب أن يتولى وحده ويعتقد أنه المولى والسيد، فالفاء في قوله: {فالله هُوَ الولى} جواب شرط مقدّر، كأنه قيل بعد إنكار كل ولي سواه: إن أرادوا ولياً بحق، فالله هو الولي بالحق، لا وليّ سواه {وَهُوَ يُحْىِ} أي: ومن شأن هذا الولي أنه يحيى {الموتى وَهُوَ على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} فهو الحقيق بأن يتخذ ولياً دون من لا يقدر على شيء.


{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}
{وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَيْء} حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين. أي: ما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين، فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدين، فحكم ذلك المختلف فيه مفوّض إلى الله تعالى، وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين {ذلكم} الحاكم بينكم هو {الله رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} في ردّ كيد أعداء الدين {وَإِلَيْهِ} أرجع في كفاية شرهم. وقيل: وما اختلفتم فيه وتنازعتم من شيء من الخصومات فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تؤثروا على حكومته حكومة غيره، كقوله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول} [النساء: 59] وقيل: وما اختلفتم فيه من تأويل آية واشتبه عليكم فارجعوا في بيانه إلى المحكم من كتاب الله والظاهر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التي لا تتصل بتكلفيكم ولا طريق لكم إلى علمه، فقولوا: الله أعلم، كمعرفة الروح. قال الله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى} [الإسراء: 85]: فإن قلت: هل يجوز حمله على اختلاف المجتهدين في أحكام الشريعة؟ قلت: لا، لأنّ الاجتهاد لا يجوز بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8